أرشيف

الكلمة الافتتاحية التي القاها باسندوة والعتواني في الاجتماع التأسيسي للجمعية الوطنية لقوى الثورة

الإخوة والأخوات: أعضاء الاجتماع التأسيسي للجمعية الوطنية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وشهر مبارك ((كل عام وأنتم بخير))

بداية أرحب بكم أجمل ترحيب في هذا الاجتماع التأسيسي للجمعية الوطنية الذي سيشكل لحظة فاصلة في مسار العملية الثورية التي فجرها شباب وشابات اليمن في مختلف محافظات الجمهورية. 

ويسرنا بداية أن نوضح بإيجاز الدوافع والأسباب التي حدت باللقاء المشترك وشركائه في اللجنة التحضيرية للحوار الوطني للدعوة والسعي الى قيام ائتلاف وطني عريض وجامع يضم تحت لوائه كل قوى ومكونات الثورة الشعبية السلمية، ومختلف الإطراف السياسية ، والتشكيلات ، والشخصيات الوطنية المعارضة والمؤيدة لثورة الشباب السلمية المباركة .. حيث فرضت اللحظة الثورية الراهنة على كل قوى الثورة ، ،توحيد قرارها وتنسيق جهودها وحشد طاقات جماهير شعبنا في مواجهة نظام الحكم الفردي- الأسري المستبد الفاسد وتحقيق التغيير المنشود في أسرع وقت ممكن . وهو ما يضع الجميع امام خيار واحد وهو الانتصار وفاءاً لدماء الشهداء.

وانطلاقا من هذا الحرص ، وبعد دراسة متأنية وعميقة قرر (المشترك وشركاؤه) أن يقوموا بهذه المبادرة ، فتم تشكيل لجنة للإعداد لهذا الاجتماع التأسيسي المبارك، وتكليفها بالتواصل مع قيادات الثورة السلمية في عموم ساحات التغيير، وميادين الحرية، وأطياف الحياة السياسية والمعارضة في الداخل والخارج من أجل التوافق على تشكيل جمعية وطنية تكون تجسيدا لائتلاف شعبي واسع وعريض، بحيث يتمثل فيها الجميع

ولا شك أن الطريق امامنا ليس مفروشا بالورود، بل مليء بالأشواك والمخاطر، وأن المهام التي ينتظر منا الاضطلاع بها جسيمة، والامانة التي شاءت لنا أقدارنا تحملها لا يقوى على النهوض بها سوى القادة العظام والرجال القادرين والأقوياء، وأنتم أيها الإخوة والأخوات أهل لذلك، وجديرون بالارتقاء الى مستوى تحقيق الآمال التي يعقدها عليكم الشعب اليوم، والانتصار لأرواح شهداء ودماء جرحى ثورة الشباب الشعبية السلمية ، وفك أسر المعتقلين والمختطفين.

إن التغيير الشامل والمنشود كهدف وطني مجمع عليه لن يتحقق بمجرد التغني به كشعار عاطفي، كما لا يمكن إدراكه وبلوغه بالتمني فقط.. فنيل الحقوق والمطالب مهما كانت عادلة يتطلب التحلي بالإقدام، وتقديم التضحيات:

“وما نيل المطـــــالب بالتمني:::ولكن تؤخذ الدنيــــا غلابا

وما استعصى على قوم منال:::إذا الاقدام كان لهم ركابا”

وإننا لعلى يقين بأن شعبنا الأبي مثله مثل شعبي تونس ومصر الشقيقين، مستعد لبذل المزيد من التضحيات من أجل فرض إرادته، وانتزاع مطالبه العادلة ، وتحقيق أهدافه السامية، وفي مقدمتها بناء يمن جديد في ظل دولة مدنية ديمقراطية حديثه، خالية من الفساد، والفقر، والبطالة، والارهاب، ويسودها النظام والقانون وينعم أبناؤها بالمساواة في الحقوق، ويعمها الامن والاستقرار، والرخاء والازدهار بإذن الله…

وحسبنا كيمنيين فخرا واعتزازا أن ثورتنا السلمية تعتبر بحق في نظر المحللين والمراقبين العرب والاجانب هي الأروع بين ثورات الربيع العربي بدليل صمودها وتصاعد مدها وزخمها بوتيرة متوالية رغم كل ما تواجه به من قبل النظام الحاكم من العنف المتزايد، والقوة المفرطة، وما يترتب على ذلك من سقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى، ومثلهم من المعتقلين والمختطفين

وإزاء فظاعة السلطة في استخدام العنف والقوة، واقترافها لمجازر بشرية بشعه في عديد من المناطق، وما ارتكبته وترتكبه من انتهاكات لحقوق الانسان بحق مواطنين عزل، وتواطئها مع الجماعات الإرهابية، كنا نتوقع من المجتمع الدولي أن يقوم بمسؤوليته السياسية والأخلاقية تجاه حماية حق اليمنيين في الحياة، وأن يصعد ضغوطه على النظام ويتخذ مواقف حازمة ضده لكن وبكل أسف لم يحدث هذا بعد حتى الآن ، فما صدر عن بعض الدول والأمم المتحدة لم يرتق إلى المستوى المطلوب حتى بحده الأدنى ، ولكننا على يقين بقدرة جماهير شعبنا الصابرة والمرابطة في الميادين والساحات ليل نهار دون كلل ولا ملل في تحقيق النصر.. فالله معها ولن يخذلها ابدا..

فما أحدثته الثورة من متغيرات وتحولات ايجابية في ميزان القوى على ارض الواقع بفضل التضحيات الجسيمة التي قدمها ابناء شعبنا، وفي مقدمتها الشباب البواسل في مختلف الساحات والميادين على امتداد الوطن..وما صمودهم البطولي واصرارهم على الاستمرار في تصعيد فعالياتهم، في ظل اوضاع محفوفة بالمخاطر، واجواء غاية في الصعوبة طيلة قرابة سبعة شهور لدليل لا يزيدنا إلاّ اقتناعاً بأن الثورة ماضية قدما في طريقها الى حين تدرك أهدافها العادلة وتحقق مطالبها المشروعة بإذن الله وعليه فأنه لا مبرر لأي منا بأن يشعر بالإحباط والضيق بسبب تطاول الفترة منذ اندلاع شرارتها الاولى أوائل شهر فبراير الماضي وذلك لان عامل الوقت كما كان حتى اليوم لصالح شعبنا، فإنه سيظل كذلك مهما حاولت السلطة ان تراهن عليه، لأن رهانها هذا خاسر لا محالة..

وعديدة هي انجازات الثورة، ومن اهمها انها احدثت تحولا رائعا في حياتنا كيمنيين وأثبتت التزامنا الراسخ بالنهج السلمي فيما نجحت في استقطاب الملايين من المواطنين – رجالا ونساءا، شيبا وشبابا مدنيين وعسكريين تحت لوائها، وجمعتهم معا حول مطالب وأهداف محددة في مسيرة واحدة، وجعلتهم يتناسون انتماءاتهم … ويعتزون من جديد بانتمائهم الوطني الواحد، ويتلاحمون معا ، قلبا وقالبا، ويخوضون جنباً الى جنب هذه الملحمة الثورية السلمية الاسطورية المظفرة التي سوف نحتفل بإذن الله بانتصارها عما قريب

بالرغم من منجزات الثورة العديدة، وتضحياتها الجسيمة ، فإن المعطيات والوقائع التي واكبت الفترة الماضية من المواجهة مع هذا النظام الدموي تشير الى أن ثمة تحديات كبيره تنتصب أمامها الأمر الذي ربما آثار لدى البعض منّا هواجس جراء ما تخلل مسيرتها من حين الى اخر من تعثر او جمود من ناحية، ومن ناحية أخرى نتيجة ما أبداه النظام الحاكم من وحشية ودموية مستمدة من سيطرته العائلية على وحدات عسكريه وأمنية مدججة بأحدث الأسلحة، وتسخيره الأموال الطائلة ، وثروات ومقدرات البلاد في محاولة منه للبقاء لأطول مدة ممكنة ..

ألأخوة والأخوات أعضاء الجمعية الوطنية:

إن مهاماً جساماً ومطالباً ملحة وحقائقاً كثيرة تفرض ذاتها اليوم وتحلق في سماء الوطن و الثورة وكلها تحفز من جهة وتؤكد من جهة أخرى على ضرورة الانتصار للشهداء وتضحياتهم وللمعانات التي يتكبدها في الوقت الراهن كل اليمنيين أملا ورجاء بأن تفتح الأبواب سريعا أمام يمن جديد مليء بالعزة والكرامة وخالي من الاستبداد والبؤس.

وعليه فقد القى التاريخ عبء المسئولية عليكم في هذا الاجتماع كي تتخذوا القرارات اللازمة في هذه المسيرة . ولا شك أنها لحظة فاصلة في تاريخ شعبنا وأمتنا أن نلتقي اليوم لأجل هذا الهدف كما وان أبناء اليمن جميعاً يتطلعون نحو ما ستتخذونه من قرارات ترتبط بمستقبل الثورة وأهدافها.

إن لحظة الثورة اليوم تواجه تحدي الحسم والتصعيد الثوري وإسقاط بقايا النظام و مخلفاته العائلية و الدخول في خيارات تفكيك بقاياه طالما رفض الاعتراف بالثورة ومطالبها وقبل أن يتحولوا إلى خطرٍ و مسار جريمة تهدد الوطن وجواره ومصالح العالم الحيوية في هذه المنطقه.

وتبرز أمام الفعل الثوري والسياسي درءا لتلك المخاطر مهام المحافظة على الدولة بمعناها التاريخي والاجتماعي وهناك من المؤشرات ذات الصلة بتصرفات بقايا النظام تضع اليمنيين وثورتهم اليوم امام خيارين إما مسامحتهم و العفو عنهم أو تسليم الدولة إلى هؤلاء قطاع الطرق وشذاذ الأفاق والباحثين عن الغنائم في البلدان التي تحترق.

هذه التحديات وغيرها التي تفرض نفسها في الوقت الراهن لاشك أنها مرتبطة بتحدٍ اكبر واضح وجلي يتمثل بتحدي الإدراك والوعي الثوري الذي سيقرر أولويات المرحلة القادمة في مسار الثورة ومتطلباتها أوفي المسار السياسي والخارجي ومخاطره .وعليه فإما الوعي بتلك الأولويات وإدراكها بشكل صحيح أوترك مسار الثورة للحركة العفوية وللاجتهادات المؤقتة والتسليم والاكتفاء بملاحقة ما تصنعه بقايا النظام.

مع ذلك ولأول مره سيكون هذا الخيار مطروحاَ اليوم أمام كل مكونات وقوى الثورة السلمية كي تتخذ فيه القرار المناسب مع الأخذ في الاعتبار الحاجة الماسة إلى التمييز الدقيق والواضح بين أن تعمل الثورة على إسقاط السلطة والنظام السياسي الفاشل والعاجز وأن تؤدي إلى إسقاط الدولة كونها موروث اليمنيين وحاجتهم للبقاء والعيش المشترك على هذه البقعة من الأرض.

إن الفعل الثوري وقد أنجز ما أنجز من اشراقات مضيئة فتحت الأبواب أمام ميلاد اليمن الجديد ليس مربوط بخيار نقل السلطة وانتظار نتائجه فتضحيات الثوار وصمودهم الأسطوري حتى اليوم وما يكابده أبناء اليمن من معاناة نتيجة افتقاد بقايا السلطة من نائب الرئيس وكبار موظفي الدولة إلى الإرادة المطلوبة يضع خيارات أخرى لتصعيد الفعل الثوري و إسقاط بقايا السلطة .

ولا شك أن هذا الخيار المطروح بقوة في ميادين الحرية وساحات التغيير يكاد يشكل الهم الرئيسي لكل أبناء اليمن ولا يمكن لهم أن ينتظروا منّةً وفضلاً ممن ثاروا عليهم أو نصراً لثورتهم من الخارج وبكل الحقائق والوقائع اليمنيون أولى بأن يقرروا ما هو الخيار الأنسب الذي يتفق مع الثورة وأهدافها وأن يمنعوا أي مسار أخر لا يتفق مع ضرورة الوصول باليمن إلى سلطة جديدة ودولة جديدة ولن يساوم اليمنيون حتما على حقهم الطبيعي في أن يعيشوا بحرية وكرامة كبقية شعوب الأرض.

لقد روجت وعملت بقايا السلطة ألعائليه على خيار الحرب الأهلية و تكريسها عبر أعمال العدوان المستمرة وتسليم المحافظات للجماعات المسلحة وارتكاب المجازر والجرائم ضد أبناء اليمن كما جرى في الحصبة وسط العاصمة صنعاء وفي تعز وأرحب ونهم والحيمتين وأبين ممارسات اجراميه أرادت بها عائلة صالح وأعوانهم أن يجروا البلاد نحو حرب شاملة لتأكيد خيارتهم أمام العالم وقد فشلوا وانهارت كل مخططاتهم .

وما بقي اليوم من تلك الأعمال غدت واضحة امام الداخل والخارج كجرائم ضد الانسانية وعقوبات جماعية تفرضها بقايا ومخلفات سلطة فاقدة للشرعية والمشروعية قريبة إلى أفعال عصابات المافيا والجريمة المنظمة وبعيدة كل البعد عن أفعال السياسة والسلطة أيا كان لونها أو شكلها.

أخيراً وليس أخراً إلى جانب الخيارات لسابقه تنتج اللحظة الراهنة للثورة مساراً بدء يفرض نفسه على الأرض متمثلاً بتشكيل مجالس شعبية استدعته عملية انسحاب أجهزة الدولة من القيام بواجباتها وتلبية حاجات المواطنين في كل المحافظات والمديريات والحاجة إلى حفظ الأمن ورعاية المصالح العامة والخاصة واستمرار الحياة الطبيعية لليمنيين.

الإخوة والأخوات أعضاء الجمعية الوطنية.

إن الخيارات المتحركة على أرض الواقع في ميادين الثورة وغيرها المعروضة أمامكم تستدعي منكم التقييم والمفاضلة وتحديد الأولويات ولا يوجد توقيت ولا لحظة أفضل من هذه أللحظه لاتخاذ القرار المناسب.

كما وأن مهمة تاريخية معروضة اليوم أمام قوى الثورة وأطيافها ومكوناتها تنتظر الخطوة المناسبة منهم ولحظه زمنيه يجب استغلالها دون إبطاء لمنع المسارات السيئة، فالثورة ومستقبلها ليست مرهونة بأمنيات الأفراد ورغباتهم لكنها صنعت فراغات تجلب الكثير من الاجتهادات والشعارات والأوهام والمخاوف و أمام هذا الجمع النادر سد هذا الفراغ الذي يستدعي المخاطر على الثوره من كل حدب وصوب.

إن الفعل الثوري الذي أستطاع خلال الفترة الماضية إنجاز مهمة الهدم للنظام القديم وحرر اليمنيين من عبودية السلطة العائلية الفاسدة مهمته الإستراتيجية الكبرى القادمة تتمثل بفتح الطرق أمام عملية بناء السلطة البديلة والدولة الجديدة التي يستعيد فيها اليمنيون حقوقهم وأموالهم المغتصبة ودولتهم التي تحفظ لهم كرامتهم وللأجيال القادمة الحق في أن يعيشوا في العصر والزمن بعد ان غاب ابائهم طويلاً عن العيش فيه.

و هذه المهمة العظيمة والجليلة لاشك أنها تضع أمامكم مطلبها الملح المتمثل بتحديد ما العمل؟ تحديد الطريق الذي يجب أن نختاره للوصول بالثورة إلى هدفها العظيم؟ كيف نستطيع أن نجعل التضحيات العظيمة والمعاناة الجسيمة التي قدمت في مسيرة الثورة إنجازات مشهودة تحفظ للثورة ألقها وعظمتها وللثوار كرامتهم وللشهداء حقوقهم.؟

لقد اختار اللقاء المشترك وشركاؤه في اللجنة التحضيرية للحوار الوطني منتصف يوليو الماضي تحمل مسؤولية الدعوة إلى ضرورة توحيد قوى الثورة السياسية و الاجتماعية وتنسيق جهدها لمواكبة حاجة الثورة في اللحظة الراهنة وخدمة أهدافها واقتراح  مشروع الدعوة لتشكيل مجلس وطني تتمثل فيه كافة تكوينات قوى التغير والثورة وتجسيداً للشراكة الوطنية الواسعة المتبلورة في ساحات التغير وميادين الحرية في مختلف المحافظات.

إن هذه الأداة النضالية منوط بها استكمال إسقاط بقايا النظام فاقد الشرعية قد اعطت الأولوية في التمثيل لشباب الثورة في الساحات وللمراءة التي ضربت أروع ألأمثله في الشراكة بالثورة وأكد المشروع أن هذ الإطار صيغة مفتوحة لكل القوى والتكوينات المنخرطة في الثورة السلمية والتي تناضل عمليا من اجل التغير والانتصار لأهدافها والتي تقبل مبدئيا صيغه جامعه للتوافق الوطني بتشكيل المجلس وتتفاعل ايجابيا مع مشروع إنشاءه وتحدد من يمثلها في قوامه.

و حدد مشروع أنشاء المجلس الخطوات الرئيسة المتمثلة بتكوين الجمعية الوطنية ككيان سياسي ومؤسسه شعبيه ووطنيه تمثل صيغه عمليه لائتلاف وطني بين مختلف الإطراف المنخرطة في ألثوره والإطار الناظم والمرجعية الرقابية لهذا الائتلاف.

 وما تم إنجازه من جهود بذلت خلال الفترة الماضية عبر لجان التواصل والحوار مع طيف واسع من الأحزاب والتكتلات والقوى والساحات في الداخل والخارج حول هذا الخيار لم يكن عملاً مؤقتاً أو ذو صله بخيارات الحسم لإنجاز الفعل الثوري بقدر ما كان تعبيراً عن رؤية استراتيجية واسعة الملامح والاهداف لبناء الدولة اليمنية الحديثة تضع في مقدمتها معالجة القضايا الوطنية الكبرى وعلى رأسها القضية الجنوبية معالجة عادلة تضمن المطالب المشروعة لإخواننا في المحافظات الجنوبية بما يجسد الشراكة الحقيقية في السلطة والثروة وبما يضمن التوصل لحل مشكلة صعدة حلاً جذرياً في اطارها الوطني.

 ويعد هذا الاجتماع التأسيسي للجمعية الوطنية خاتمة وبداية مباركة لجهود التواصل والمتابعة والتحضير من قبل مجموعة مميزة من القيادات تم في ظروف معقده يعلمها الجميع يشكل اليوم اجتماعا حاضنا لقوى الثورة وجبهتها الموحدة التي كان من المفروض أن تظهر لحظة قيام الثورة وأن لا تتأخر. مع ذلك فالعفوية وغياب القيادة والتوجيه لمسار الثورة خلال الفترة الماضية لم يكن شراً محضاً فربما اراد اليمنيون في مسيرتهم الثورية طوال الفترة الماضية الظهور أمام أنفسهم وأمام العالم بتلك الوحدة والصمود دون قيادة وقد كسروا بذلك كل التوقعات والمراهنات و الأماني الخائبة عن قدرة هذا الشعب العظيم على الصمود في ميادين الثورة.

و تحت تصرف هذه الكوكبة من رجال الثورة وقادتها مهمة إطلاق إشارة البدء في بناء اليمن الجديد المعاصر والحديث ، اشارة كانت بإنتظار وحدة قوى الثورة كحاجة ملحة وضرورة وطنية لا تقبل البحث او التأجيل أو التسويف أو المماطلة .

وأمام ما تفرضه المرحلة الراهنة من مهام عاجلة ومخاطبة الداخل والخارج من منطلق الفعل الثوري والمطالب الاجتماعية التي تفرض ذاتها فان خطوة إعلان المجلس الوطني من هذا الاجتماع يكاد يكون خيار البداية الذي تدعو له ساحات الثورة والحائط الصلب الذي يبنى مبكرا في وجه قوى الثورة المضادة التي أصبحت ظاهرة للعيان. 

ومما يستدعي التأكيد أن وحدة قوى الثورة في هذا الظرف هي عملية ضرورية تلتزم بسنن وقوانين الثورات العظيمة والأحداث والتحولات الكبرى في حياة الشعوب والأمم التي يصنعها الفعل الإنساني ومن خلالها بمقدور الثورة التجاوز على وقائع وحقائق ميراث العنف واغتصاب السلطة والمحافظة على الطابع السلمي للثورة ومنع مسارها من الوقوع في شراك ودائرة التمرد والاضطرابات التي انتهت إليها حركات اجتماعيه و ثورات أخرى مشهودة في التاريخ .

والأهم والأسمى فوق ذلك كله أن نجاح الثورة يعني فوزاً مظفراً يحفظ للملايين من اليمنيين  عزتهم وكرامتهم وللأجيال القادمة تاريخهم وأرثهم الحضاري الناصع فالثورة ليست فلكلور فني ومسيرات يشارك بها الملايين ولكنها معاناة الملايين و تضحيات الشهداء الأبرار من أجل العيش بعزة وكرامه.

ختاما فان وحدة قوى الثورة في اللحظة الراهنة وليس في غيرها كفيلة وحدها أن تضمن الوصول بالثورة إلى المستقبل الآمن وأن تبدأ من اللحظة البناء والتأسيس الجديد لليمن العزيز والكريم و للسلطة الجديدة التي تحفظ الحقوق وللدولة التي ترفع عن كاهلنا البؤس والفقر والمهانة أمام أنفسنا وأمام العالم.

هذه لحظتكم التاريخية أيها القادة والرواد لقد وضعتكم الثورة بعد كل هذا الصمود الأسطوري وبعد كل هذه التضحيات والمعاناة لرجال اليمن ونساءه أمام المسئولية والأمانة التي تنوء بحملها الجبال وتقبلونها في الشهر الكريم والمبارك وفي هذا اليوم العظيم من شهر رمضان في تاريخ النبوة والرسالة والثورة.

أن سنن التغيير الشامل واضحة المعالم تحث خطى الجميع نحو السير بعد التحرر من العبودية والطغيان والفساد في مسيرة هذه الثورة العظيمة إلى خطوة أهم بناء مجتمع الحرية والعدل.

الحرية كل الحرية لكل اليمنيين والعدالة الاجتماعية والاقتصادية لكل أبناء اليمن وأجياله القادمة والعيش في دولة يحترمها جيرانها ويهابها اعدائها تحمي ولا تهدد تصون ولا تبدد هي معيار نجاح الثورة وخاتمتها . هذه الثورة التي أدهشت العالم بصمود ثوراها والملايين المشاركين فيها.

المجد والرحمة لشهداء الثورة والخزي والعار للمستبدين القتلة.

زر الذهاب إلى الأعلى